على إدارة بايدن استخدام نفوذها

ذي أتلانتك: على إدارة بايدن استخدام نفوذها والتحقيق في مقتل “أبو عاقلة” وإلا فسترسل رسالة خطيرة لكل أمريكي في الخارج

  • ذي أتلانتك: على إدارة بايدن استخدام نفوذها والتحقيق في مقتل “أبو عاقلة” وإلا فسترسل رسالة خطيرة لكل أمريكي في الخارج

اخرى قبل 2 سنة

ذي أتلانتك: على إدارة بايدن استخدام نفوذها والتحقيق في مقتل “أبو عاقلة” وإلا فسترسل رسالة خطيرة لكل أمريكي في الخارج

إبراهيم درويش

لندن- قالت الصحافية الفلسطينية- الأمريكية ياسمين سرحان، إن رفض الولايات المتحدة التحقيق في مقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة يعطي من يستهدفون الصحافيين الأمريكيين حصانة من العقاب.

وفي مقال نشرته مجلة “ذي أتلانتك” بعنوان: “يجب على الولايات المتحدة الوقوف مع مواطنتها”، قالت فيه إنه مع مقتل الصحافية الفلسطينية- الأمريكية والمراسلة المخضرمة لقناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة في 11 أيار/ مايو الماضي عندما كانت تغطي مداهمة للجيش الإسرائيلي في مدينة جنين بالضفة الغربية المحتلة، بدأت الروايات تتشكل حول من قتلها.

فمن جهة، اتهمت قناة الجزيرة والسلطة الفلسطينية إسرائيل بعملية القتل، حيث قام الجنود وبناء على شهود عيان بإطلاق النار على مجموعة من الصحافيين وأصابوا أبو عاقلة في ما بين خوذتها وسترتها الواقية المكتوب عليها بحروف إنكليزية واضحة (PRESS) . ووجّه الإسرائيليون أصابع الاتهام لمسلح فلسطيني (وهو زعم كذّبته جماعة حقوق إنسان إسرائيلية)، ثم أعلنت إسرائيل أن الرصاص ربما انطلق من أحد الطرفين.

وفي مراجعة أخيرة أجرتها شبكة “سي أن أن” بناء على تسجيلات فيديو وشهود عيان وصور وبيانات جغرافية، تؤشر إلى أن أبو عاقلة “تعرضت لإطلاق نار مستهدف من القوات الإسرائيلية”. ورفضت الحكومة الإسرائيلية زعم القتل عن قصد، ولكنها استبعدت إجراء تحقيق جنائي الذي لا يوجد هناك ما يحفزها لكي تجريه.

ومن جانبها، فالسلطة الفلسطينية تفتقد المصداقية والمصادر للقيام بتحقيق، مع أنها أعلنت عن تلخيص لنتائج تشريح الجثة، بما في ذلك تحليل للرصاصة التي قتلت أبو عاقلة. ولكنها رفضت مشاركة التفاصيل مع الإسرائيليين لعدم وجود ثقة. وردت إسرائيل أنه بدون فحص الرصاصة فلن تستطيع تحديد من أطلقها.

وتعلق الكاتبة أن العنف ضد الصحافيين ليس جديدا في إسرائيل وفلسطين. وبحسب لجنة حماية الصحافيين، فقد قُتل منذ عام 1992، 18 صحافيا على الأقل جراء نيران يشتبه أن الجيش الإسرائيلي أطلقها. مع أن وزارة الإعلام الفلسطينية تقدّر الرقم بحوالي 45 صحافيا منذ عام 2000 .ولدى نقابة الصحافيين الفلسطينيين رقم أعلى هو 55 صحافيا عن نفس الفترة. وقتلت في هذا الشهر صحافية فلسطينية عندما أطلق الجيش الإسرائيلي النار عليها وهي تحاول العمل في الخليل. وتم رش الكثير من الصحافيين بالغاز المسيل للدموع، وتعرضوا لإطلاق الرصاص المطاطي والقنابل الصوتية. وفي العام الماضي، تم تدمير برج كانت تعمل منه وكالة أنباء أسوشيتدبرس الأمريكية في غزة، زعمت إسرائيل أن فيه معدات تابعة لحماس لكي تشوش على نظام القبة الحديدية الإسرائيلي، لكن لم يتم التحقيق في هذه المزاعم.

وحتى لو لم تستطع الحكومة الإسرائيلية أو السلطة الفلسطينية تقديم تحقيق شامل ونزيه في مقتل أبو عاقلة، طالبت به عدة منظمات منها حماية الصحافيين ومراسلون بلا حدود، فهناك طرف واحد لديه القدرة للتدخل.

وهذا الطرف هو الولايات المتحدة كما تقول سرحان. فأبو عاقلة كانت مواطنة أمريكية. والولايات المتحدة التي نادرا ما تكون مراقبا محايدا، تتحمل المسؤولية، ولديها التأثير هنا. فإسرائيل حليف قريب تحصل على 3.8 مليار دولار في مساعدات عسكرية أمريكية سنوية. في المقابل لا يحصل الفلسطينيون سوى على مئات الملايين.

وقال طارق باكوني، مدير “الشبكة” وهي شبكة عالمية على الإنترنت: “بناء على مستوى الدعم الدبلوماسي والعسكري الأمريكي لإسرائيل، فلدى الولايات المتحدة كل الحق للطلب من السلطات الإسرائيلية ألا تستهدف الصحافيين أو المسعفين والبنى التحتية بشكل عام”. ورغم مسارعة إدارة بايدن لشجب مقتل أبو عاقلة، ومطالبتها “بتحقيق معمق ومحاسبة كاملة” إلا أنها ترددت في الإعلان عن تحقيقها الخاص.

وتقول سرحان إن وفاة أبو عاقلة اختفت من العناوين الإخبارية منذ جنازتها عندما التُقطت صور للشرطة الإسرائيلية وهي تضرب المشيعين وحملة نعش الصحافية الراحلة لدرجة كاد فيها النعش يسقط على الأرض. وقالت الصحافية الفلسطينية- الأمريكية داليا حتوق من رام الله، وصديقة أبو عاقلة: “لن تعود إلينا أبدا. كل ما نريده قليل من العدالة والمحاسبة”.

ويمكن لعائلة أبو عاقلة تقديم دعوى مدنية ضد الحكومة الإسرائيلية في الولايات المتحدة. وهذا هو الطريق الذي سارت فيه عائلة ماري كولفين، الصحافية الأمريكية، ومراسلة صحيفة “صاندي تايمز” في لندن، التي قُتلت بقذيفة صاروخية في سوريا. تعد الدعوى التي تم تقديمها بناء على قانون الحصانات السيادية الأجنبية أول قضية جرائم حرب ضد الرئيس السوري بشار الأسد.

ورغم قرار المحكمة بتعويض عائلة كولفين -من الصعب تحصيلها من النظام السوري- إلا أن قرار القاضي كان واضحا، وهو أن كولفين قُتلت عمدا لأنها صحافية، ورحّب المدافعون عن حرية الصحافة وحقوق الإنسان بالقرار. ويمكن أن تنتهي قضية أبو عاقلة أمام محكمة الجنايات الدولية، وهو خيار تبحث فيه الجزيرة. لكن تحويل القضية للمحكمة لا يضمن تحقيقا، كما أن عدم توقيع كل من الولايات المتحدة وإسرائيل على ميثاق تأسيس المحكمة، يجعلها غير قادرة على فرض أي حكم صادر عنها.

وفي هذه الحالة، لا يمكن حسم القضية وتحديد قاتل أبو عاقلة بدون مدعاة للشك، إلا عبر تحقيق تشرف عليه الولايات المتحدة. وإذا ثبت أن القاتل هو قناص إسرائيلي، فإن الولايات المتحدة تملك النفوذ على إسرائيل للقيام بالمحاسبة. ولا شيء يمنع إدارة جو بايدن من مراجعة موقفها وإرسال فريق من مكتب التحقيقات الفدرالي (أف بي آي) للتحقيق بمقتل أبو عاقلة، في وقت طالب فيه 50 مشرعا بهذا.

وهذا ما فعلته الحكومة الأمريكية عام 2002، ردا على اختطاف ومقتل صحافي “وول ستريت جورنال” دانيال بيرل في باكستان. وأي تحقيق كهذا، يحتاج إلى تعاون من المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين. ولا يمكن لأي منهما الرفض نظرا لاعتمادهما على الدعم الأمريكي.

وكتب في هذا الأسبوع كل من جون أوسوف، السناتور الديمقراطي عن جورجيا، وميت رومني، السناتور الجمهوري عن يوتا، إلى وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، للدفع بهذا الاتجاه، وقالا: “تعتبر حرية الإعلام قيمة أمريكية جوهرية ولا نقبل إفلاتا من العقاب عندما يُقتل صحافي وهو يقوم بواجبه”. وأضافا في رسالتهما: “نصرّ على تأكد الإدارة من إجراء تحقيق شامل وشفاف وإنجاز العدالة لأبو عاقلة”.

وبقدر ما تلتزم الولايات المتحدة بأمن إسرائيل، فلديها التزام أكبر تجاه أمن مواطنيها. وقالت وزارة الخارجية كلاما كهذا هذا العام، عندما طالبت “بتحقيق جنائي معمق” في مقتل المسن الفلسطيني- الأمريكي عمر أسعد (78 عاما) عندما احتجزه الجنود الإسرائيليون وقيّدوه. وجاء في بيان الوزارة أن الحكومة الأمريكية “لا أولوية لها أكثر من سلامة وأمن المواطنين الأمريكيين في الخارج”.

وفي تلك الحالة، ردت إسرائيل بتسريح جنديين ومعاقبة قائدهما. ومقتل أبو عاقلة التي كانت تقوم بعملها لا يختلف من الناحية الجنائية. وأظهرت الولايات المتحدة أن لديها الأساليب للتوصل إلى “المحاسبة الكاملة”. ولكنّ السؤال هو ما إن كانت لديها الدافعية لاستخدامها.

وقال مات داس، مستشار السناتور بيرني ساندرز للشؤون الخارجية: “السبب الذي يتصرف فيه الإسرائيليون دونما خوف؛ لأن الولايات المتحدة علّمتهم هذا”. مضيفا: “هذه نتيجة قاتمة للصحافيين الفلسطينيين- الأمريكيين مثلي وممّن يشعرون أنهم لا يثقون بحكومتهم لتوفير الحماية لهم”.

وقالت حتوقة: “لم أكن أبدا في الميدان، ويمكن لجوازي عمل كل شيء لدي” وهذا واضح عندما تعود من الخارج إلى الضفة الغربية المحتلة عبر الأردن، “وعندما اجتاز جسر اللنبي فأنا فلسطينية أولا وأخيرا”.

وتقول سرحان: “لدى إدارة بايدن فرصة لكي تحدد وبشكل قاطع مع قتل أبو عاقلة وتحول وفاتها إلى قضية ردع لمن لا يشعرون بالندم على قتل صحافيين. ومع عدم ترجمة الولايات المتحدة كلامها إلى فعل وتحقيق العدالة، فإنها لا تكون تخلت عن إحدى مواطناتها فقط، بل أرسلت رسالة خطيرة للعالم وهي أن حياة الصحافيين، حتى الأمريكيين منهم، لا قيمة لها”.

المصدر القدس العربي

التعليقات على خبر: ذي أتلانتك: على إدارة بايدن استخدام نفوذها والتحقيق في مقتل “أبو عاقلة” وإلا فسترسل رسالة خطيرة لكل أمريكي في الخارج

حمل التطبيق الأن